August 2023 , 09

طرق استخلاص الحيامن من الخصيتين

د. أحمد سيف

 

تأخر الإنجاب بعد مرور عام على الزواج مشكلة تواجه حوالي 15 % من الأزواج ، ويرجع السبب في 40 % من الحالات إلى الزوج ، وفي 50 % من الحالات إلى الزوجة بينما يتأخر الإنجاب لأسباب مشتركة ( الزوجين  معاً ) في 10 % من الحالات . 

 

وهناك أسباب كثيرة لعقم الرجال ، ومن أهم الأسباب دوالي الخصية والخصية المعلقة ونقص كمية السائل المنوي و إضطرابات القذف والتهابات الجهاز التناسلي أو إختلال بعض الهرمونات بسبب فشل الغدة النخامية ، ولكن قد يعاني بعض المرضى من العقم نتيجة الغياب التام للحيوان المنوي ، ويرجع هذا الغياب إلى سببين رئيسيين .. أولهما هو العقم الإنسدادي وينتج بسبب إنسدادات داخل الخصية ، أو البربخ أو الوعاء الناقل أو قناة القذف ، وثانيهما هو العقم اللإإنسدادي نتيجة فشل في وظائف الخصية .

 

وهناك الكثير من المرضى يعتقدون بمجرد خروج السائل المنوي ( المني ) أثناء عملية القذف - أن قدرتهم على الإنجاب والخصوبة طبيعية تماماً ، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ ؛ لأن من المعروف أن السائل المنوي هو عبارة عن سائل له تركيبة خاصة تسمح للحيوانات المنوية (الحيامن) بالحركة والحيوية اللازمتين لإتمام تخصيب البويضة . وفي حالات غياب النطاف من السائل المنوي يخرج هذا السائل بدون الحيامن ، ولا يمكن الكشف عن هذه المشكلة إلا بعد فحص السائل المنوي مجهرياً للتأكد من غياب النطاف .

 

ومنذ حوالي 15 عاماً .. لم يكن هناك علاج لهؤلاء المرضى - بإستثناء بعض حالات العقم الانسدادي ، حيث يمكن عمل بعض الاختبارات المعملية وبعض الأشعة بالصبغة على الوعاء الناقل و القنوات القاذفة لتحديد مكان الانسداد بدقة وإصلاحه أو القيام بعملية تحويل لمسار الحيامن ؛ للتغلب على هذا الانسداد ، أما مرضى العقم اللإنسدادي نتيجة فشل في وظائف الخصية - لم يكن لديهم آنذاك سوى الإنتظار والأمل في وسيلة طبية فعالة للتغلب على هذه المشكلة .

 

ومع تطور تقنيات الإخصاب المساعد ودخول تقنية الحقن المجهري للحيامن داخل سيتوبلازم البويضة الخاصة بالزوجة ، و بذلك أمكن بشكل عملي التغلب على مشكلة هؤلاء المرضى ، حيث فتحت هذه التقنية باب الأمل على مصراعيه لمرضى العقم الإنسدادي نتيجة لفشل وظائف الخصية ، حيث يمكن الحصول على حيامن حية ومتحركة من هؤلاء المرضى جراحياً واستخدامها في عمليات الحقن المجهري .

 

و من الجدير بالذكر أن الإستخلاص الناجح لهذه الحيامن لا يتم إلا في حوالي 50 % من الحالات - الأمر الذي يتطلب إجراء بعض الفحوصات المعملية للوقوف على نسبة نجاح الاستخلاص الجراحي للحيامن من هؤلاء المرضى ، ويمكن تلخيص هذه الإختبارات في النقاط التالية : 

 

التاريخ المرضي والكشف السريري على المريض

وتعتبر هذه الخطوة هي الأولى وهي من أهم وسائل التنبؤ بوجود الحيامن بالخصية حيث يقوم الطبيب المعالج بالسؤال عن أسباب هذه المشكلة فبعض هؤلاء المرضى يكون فشل وظائف الخصية بسبب بعض العقاقير المستخدمة لعلاج الأورام والسرطانات أو العلاج الإشعاعي والتي يمكن أن يكون المريض قد تعرض لها في سنوات عمره الأولى فهذه الأدوية تؤثر و بدون شك على وظيفة الخصية وخاصة على الخلايا الأم المنتجة للحيامن ولكن بدرجات متفاوتة . وقد تكون المشكلة بسبب إصابة المريض بفيروس الغدة النكفية والذي يمكن أن يصيب الخصية .و يقوم الطبيب المعالج بالكشف على مظاهر البلوغ وعلامات الذكورة الثانوية كما يقوم أيضاً بالكشف على حجم الخصيتين وكذلك على وجود الوعاء الناقل والبربخ وتساعد هذه المعلومات الطبيب على التنبؤ بوجود أو عدم وجود الحيامن بالخصية ولكن قد لا تكفي وحدها للوصول إلى القرار المناسب ، لذا لزم عليه اللجوء إلى بعض الوسائل المعملية للمساعدة في الوصول إلى التشخيص السليم . 

 

الفحص الخلوي للسائل المنوي 

وله عدة طرق منها الكشف عن الخلايا الأولية للحيامن ، وأهمها أرومة النطاف - عن طريق بعض الصبغات الخاصة ، فوجود هذه الخلايا مؤشر هام للتنبؤ بنجاح الاستخلاص الجراحي ، كما يمكن أيضاً الكشف على أرومة النطاف بالسائل المنوي بإستخدام جهاز التدفق الخلوي ، حيث يتميز هذا الإختبار بفحص السائل المنوي للمريض كاملاً ، وليس لعينة فقط منه كما يحدث مع إستخدام الطريقة الأولى . 

 

الفحص المعملي لدلالات وجود الحيوان المنوي

وتتمثل في بعض الفحوصات المعملية للسائل المنوي للكشف عن وجود دلائل للحيامن ، ومنها الترانسفيرين ، والألفا جلوكوسيداز ، والستيم سيل فاكتور ، وأنتي مولاريان هرمون - الكشف عن هذه المواد يمكن أن يفيد في التنبؤ بوجود الحيامن بالخصية . 

 

اختبارات الوراثة

ضعف وظائف الخصية أو فشلها قد يكون نتيجة خلل في بعض الكروموسومات بالجسم ، وقد يتمثل هذا الخلل في اختلال بعدد الكروموسومات وعددها الطبيعي 46 كروموسوم ، أو في تركيب هذه الكروموسومات ، وأيضا في بعض الحالات التي يعاني فيها المرضى من صغر حجم الخصيتين وارتفاع ملحوظ بالهرمون المحفز لحوصلة جراف ، و يلجأ الطبيب لهذا الإختبار للكشف عن متلازمة كلاينفلتر ، حيث يبلغ عدد الكروموسومات في هذه الحالات 47 كروموزوم ، يصاحبها قصور في وظائف الخصية .

وهناك أيضاً الإختبارات الحديثة للكشف عن وجود عيوب على الكروموسوم الجنسي (واى) ، والذي يمكنه بدقة تحديد وجود حذف بمنطقة معينة على هذا الكروموسوم ، مما ينتج عنه خلل في وظائف الخصية ، وبمعرفة مدى هذا الحذف يمكن التنبؤ بوجود أو عدم وجود حيامن بالخصية عند هؤلاء المرضى بصورة أدق وأفضل . 

   

فحص الخصية بواسطة أشعة الدوبلر (الملون) 

وهي تقنية حديثة – وفيها يمكن عن طريق إستخدام أجهزة الدوبلر الملون ، والمزود بمجسات خاصة ذات تردد عالي - الكشف على الدورة الدموية داخل نسيج الخصية وبدقة ؛ لتحديد أفضل مكان بالخصية يمكن الحصول منه على حيامن تصلح لتقنية الحقن المجهري ، و يتميز هذا الفحص أنه آمن ولا يؤثر على الخصية ، ويستغرق زمن الفحص من 15 إلى 20 دقيقة وتظهر نتائجه في الحال .