تطورات حديثة لتشخيص الأمراض الوراثية
تقنيات الإخصاب لعلاج العقم وصعوبات الانجاب
أدى استخدام تقنيات الاخصاب المختبرية المتقدمة إلى التوسع في استخدام وسائل متطورة للتلقيح والإخصاب كالحقن المجهري .. ليس ذلك فحسب - وإنما إلى تطور تقنيات لاختيار أفضل أنواع الأجنة للنقل والإعادة داخل الرحم مما أدى إلى تحسن فرص حدوث الحمل والولادة بطفل سليم .
وتعرف صعوبات الإنجاب بعدم القدرة على الإنجاب بعد مرور سنة على الزواج ، حيث يعاني ما يقارب 30% من الأزواج من مصاعب مختلفة في الإنجاب تتراوح بين صعوبات في استمرارية الحمل أو ما يعرف بتكرر الإجهاض .
ومنذ ولادة أول طفل مما يزيد على ثلاثين عاماً باستخدام تقنية تشخيص الأمراض الوراثية ما قبل الحمل (التنميط الجيني) - حدثت خطوات كبيرة يشهد لها في استخدام هذه التقنيات ، حيث استخدمت هذه التقنية ابتداءاً للأزواج الذين لديهم تاريخ عائلي من الأمراض الوراثية ويرغبون في إنجاب طفل سليم حيث تم استخدام هذه التقنية ، بالاضافة إلى تشخيص الأجنة المصابة بأمراض الثلاسيميا والأنيميا المنجلية وضمور العضلات الشوكي وغيرها ، أو للكشف عن أمراض متعلقة بتشوهات محددة في الكروموسومات .
ولتحسين فرص نجاح الحمل عند تكرر الإجهاض أو فشل عملية الاخصاب المخبري لأكثر من مرة لدى النساء اللاتي تجرى لهن عمليات الإخصاب المساعدة بعد عمر الخامسة والثلاثين ، وذلك للكشف عن أنواع الشذوذ الصبغية في الكروموسومات ؛ وذلك لارتفاع نسبة وجودها في الأجنة في معظم حالات فقدان الحمل .
وحديثاً يتم استخدام تقنيات الإخصاب المساعدة في اختيار الأجنة التي تحمل صفات جينية محددة ؛ وذلك للمساعدة في ولادة طفل (منقذ) لأحد إخوته ، حيث يتم اختيار الجنين الذي يحمل صفات وراثية مطابقة لأخ أو أخت ؛ للاستفادة منهم للتبرع بالخلايا الجذعية لدم الحبل السري وزراعتها للأخ الذي يعاني من أمراض وراثية معينة مثل فقر الدم الفانكوني أو الثلاسيميا .
كما يمكن استغلال تلك الخلايا الجذعية استثنائياً بمفردها لعلاج حالات محددة من الأطفال المصابين بسرطان الدم ، وتعتبر من العمليات الناجحة علمياً بشرط خضوعها للتنظيمات الأخلاقية والقانونية لكل دولة - منعاً لاستغلال الطفل المتبرع .
إضافة إلى ذلك .. مكنت الأبحاث العلمية المتخصصة في تشخيص الأمراض المتأخرة الحدوث والمتلازمات المصاحبة للإصابة بالأورام السرطانية مثل الطفرات الجينية التي تهيئ الفرد للإصابة بسرطان الثدي والقولون مثلاً ، وعلى الرغم من عدم تأكيد فاعلية هذه التقنية في مثل هذه الحالات فإنها خطوة في طريق ممتد من البحوث والمعرفة .
كما تتوافر طريقة لتمييز جنس الجنين حتى قبل غرس الأجنة والتي يمكن أن تكون مفيدة جداً للأمراض الوراثية المرتبطة بجنس الجنين حيث يتم تحديد جنس الجنين المحتمل إصابته بالمرض وغرس الجنس الآخر وعلى سبيل المثال في الأسر التي تحمل القابلية الوراثية للإصابة بـ الهيموفيليا ، وهو مرض يصيب الذكور فقط - يتم استبعاد الأجنة الذكور بعد تحديدها وغرس الأجنة الإناث فقط في رحم الأم وكما هو الحال في الإجراءات الطبية الأخرى يتم تنظيم اختيار جنس الأجنة بحسب قانون كل دولة ، حيث كشفت بعض الدراسات عن استخدام هذه التقنية في اختيار جنس المولود فقط من أجل موازنة الأسرة أو لتحديد الأجنة الذكور فقط وتختلف الآراء حول ما إذا كان اختيار الجنس لأسباب طبية مقبولة أخلاقياً ودينياً أم لا مما لا مجال له في هذا المقال .
لابد من إخضاع الزوجة لتنشيط المبيضين باستخدام هرمونات خارجية ومتابعة استجابة المبيضين بواسطة الفحص بالموجات فوق الصوتية ، ومن ثم يتم سحب البويضات من كلا المبيضين وحقنها مجهرياً بالحيوانات المنوية وحفظها ومتابعة إخصابها ومعدل انقسامها في مختبر الأجنة ، ويتم اجراء خزعة من الجنين في مرحلة الانقسام بإحداث ثقب دقيق في الغلاف المحيط بالجنين وسحب خلية أو اثنتين من خلايا الجنين لفحصها وذلك في اليوم الثالث بعد الإخصاب وعند بلوغ الأجنة النامية مرحلة الثمانية خلايا ويتم إجراء الفحوصات الوراثية على الحمض النووي من خلايا الجنين في وقت يستغرق ثماني واربعين ساعة يتم بعدها إعادة الأجنة السليمة أو تجميدها لإعادتها لاحقا .ً
ومازالت التقنيات المتعلقة بالكشف عن المورثات والأمراض الوراثية في بداية طريق طويل من المعرفة ، إذ لن يقتصر استعمال تقنيات الإنجاب المتقدمة على علاج حالات العقم والإخصاب بل سيتعداها لإمكانية استخدامها في تطوير العلاج الجيني للأمراض الوراثية والسرطانية .