تأثير الظروف البيئية على صحة الرجل
من المعروف أن تأخر الحمل قد يحدث في 10-15% من حالات الزواج ، وقد وجد أن وجود ضعف في خصوبة الرجل قد يساهم في حوالي 50% من حالات تأخر الإنجاب ، وقد يوجد سبب ظاهر لضعف خصوبة الرجل ، ولكن في حالات كثيرة قد لا يتم العثور على سبب يبرر ذلك. وفي دراسات منظمة الصحة العالمية - تبين أن متوسط تركيز عدد الحيوانات المنوية في تحليل السائل المنوي للرجال كان أوائل القرن العشرين حوالي 130 مليون حيوان منوي لكل مل ، وأصبح في أخر القرن العشرين وبداية الألفية الجديدة الحد الأدنى المقبول الآن هو 16 مليون لكل مل ، لذا فإن الاهتمام بالمؤثرات البيئية وأسلوب الحياة والتلوث قد دخل دائرة الاهتمام لجميع العاملين بمجال الذكورة والعقم والصحة الانجابية .
و أسباب العقم عند الرجال متعددة - ومنها وجود اضطرابات في هرمونات الغدة النخامية ، وجود خلل في العوامل الوراثية ، وجود أجسام مضادة للحيوانات المنوية ، وجود التهابات في الجهاز التناسلي ، وجود انسداد في الجهاز التناسلي ، وجود دوالي الخصية ، ضعف في كفاءة الخصية (خلقي أو مكتسب) ، واحياناً التعرض لبعض المواد الضارة (التدخين أو الكحول أو المخدرات) والسمنة ، وبعض العقاقير .
أما عن المؤثرات البيئية وأسلوب ونمط حياة الرجل - فقد تؤثر بطرق وأساليب مختلفة على خصوبة الرجل وقدرته الانجابية ، وذلك مع العلم بأن التأثير قد يختلف من رجل لأخر ، وقد يسبب خلل مؤقت أو دائماً على الخصوبة ، وأهم هذه المؤثرات :
الحرارة :
حيث أنه من الثابت عملياً أن ارتفاع درجة الحرارة من أهم المؤثرات الضارة على خصية الرجل ، ومن المعروف أن الله سبحانه وتعالى - خلق خصية الرجل خارج الجسم ؛ لجعل درجة حرارتها مثالية لإنتاج الحيوانات المنوية ، وذلك عند درجةْ 34 ْ درجة مئوية تقريباً ، حيث تكون أقل بحوالي 3 درجات من درجة حرارة الجسم (37 ْ درجة مئوية)، وجعل آلية تنظيم درجة حرارتها حيث تقترب من الجسم عند التعرض للبرد وتبتعد عند ارتفاع درجة الحرارة .
وارتفاع درجة حرارة الخصية - قد يحدث في حالات متعددة قد يعاني منها قطاعات كبيرة من الرجال وخاصة عند الاستحمام المتكرر بالمياه الساخنة واستخدام الساونا لفترات متكررة وطويلة ، واستخدام الكمبيوتر المحمول لفترات طويلة خاصة مع وضعه على الفخذين بقرب الخصية ، أيضاً قيادة السيارات لفترات طويلة خاصة مع وجود المحرك أسفل مقاعد القيادة وخاصة في سيارات النقل الثقيل . كما يوجد بعض المهن التي تكون أكثر عرضة للتعرض لدرجات حرارة مرتفعة لفترات طويلة أكثر من غيرها مثل العمال في الأفران والمخابز والطباخين وعمال اللحام و أفران الحديد والصلب وصناعة السيراميك ، وملابس التخسيس ذات الألياف الصناعية التي تعمل على ارتفاع درجة حرارة الجسم ، وأيضاً بعض الامراض مثل أدوار الانفلونزا المتكررة أو الملاريا المصحوبة بإرتفاع درجة حرارة الجسم أكثر من 38.5 ْ درجة مئوية - قد تؤدي إلى ضعف عملية إنتاج الحيوانات المنوية لفترة قد تصل إلى 6 شهور ، وتأثير الحرارة على السائل المنوي يؤثر بالسلب على عدد الحيوانات المنوية وزيادة نسبة التشوهات فيها ويؤدي ايضاً الى ضعف في حركة الحيوان المنوي .
التدخين :
أشارت العديد من الأبحاث العلمية أن التدخين (أكثر من 10 سجائر في اليوم) يؤدي إلى نقص في عدد الحيوانات المنوية بنسبة تتراوح بين 13-17% في الرجال المدخنين بسبب العقم ، ولكن في حالة وجود مشكلة أخرى خاصة في وجود دوالي الخصية - فإن تأثير التدخين السلبي يتضاعف والضرر يزداد على الخصيتين ، ولكن اتجهت الأبحاث الحديثة إلى فرضية أخرى في غاية الخطورة وهو أن الإفراط في التدخين قد يؤدي إلى خلل في الحمض النووي للحيوانات المنوية ، مما أثار تساؤلات واسعة حول دور ذلك في زيادة نسبة إصابة الأطفال بالسرطان أو العيوب الخلقية أو التشوهات بالأجنة ، وتزداد نسبة الإصابة بالضرر وذلك في حالة تدخين الأم خاصة في أشهر الحمل الأولى .
السمنة :
وازدياد نسبة السمنة في مجتمعاتنا هي ظاهرة سيئة جديدة صاحبت التقدم الاقتصادي وارتفاع مستوى الدخل مع أسلوب الحياة المرفهة المصحوب بقلة الحركة ، والسمنة المفرطة خاصة مع الطفولة قد تكون علاوة على وجود خلل وراثي أو اضطراب هرمون ، وقد يؤدي إلى تأخير في عملية البلوغ في الأولاد ، أما في الرجال فإن السمنة قد تؤدي بالسلب على عملية إنتاج الحيوانات المنوية بأكثر من طريقة .. فقد تؤدي لنقص في مستوى هرمون الذكورة في الدم ، حيث أن النسيج الدهني يحتوي على إنزيمات تقوم بتكسير هرمون الذكورة لمشتقات أخرى بعضها لها تأثير مشابه لهرمون الأنوثة ، مما يؤدي إلى اضطراب في هرمون الجسم ويؤثر بالسلب على القدرة الإنجابية بالنسبة للرجل . والسمنة المفرطة عادة ما تكون مصحوبة بزيادة في درجة حرارة الخصية وأيضاً مصحوبة بصغر حجم الخصية مع ضعف انتاج الحيوانات المنوية .
العقاقير والهرمونات :
أما عن استخدام العقاقير والهرمونات - فمن المعروف قيام بعض الأشخاص الرياضيين وغيرهم بإستخدام هرمون الذكورة بإفراط بهدف زيادة حجم عضلات الجسم مع رياضة كمال الأجسام ، وهذا الاستخدام يؤدي إلى نقص شديد بعدد الحيوانات المنوية ، وقد يؤدي لغيابها بشكل كامل في السائل المنوي ، وبعد ايقافها قد يحتاج الجسم من 4 إلى 12 شهراً للتخلص من تأثيرها السلبي على عملية إنتاج الحيوانات المنوية .
ولم يثبت بالدليل العلمي القاطع حتى الآن أن الهاتف الجوال يؤثر سلباً على إنتاج الحيوانات المنوية ، ولكن تثار العديد من التساؤلات حول الأجهزة التي تولد مجالات كهرومغناطيسية واسعة المدى مثل أجهزة الرادار العسكري ومحولات الطاقة الضخمة ، الإشعاع والمواد المشعة في مراكز الأبحاث والمفاعلات النووية ومراكز علاج الأورام ، المواد الكيميائية الضارة مثل المبيدات الحشرية التي قد يتعرض لها العمال الزراعيين ، وبعض أنواع المعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم في أماكن بعض مصانع الكيماويات والبطاريات وصناعة مواد الطلاء .