أغسطس ٢٠٢٣ , ٠٩

الحمل الصعب

د. سمير عباس

 

تنتظر كل عروس لحظة العلم بحملها بفارغ الصبر ، عندها تشعر بسعادة غامرة وتطمئن لأن هذا الأمر سيزيد من استقرار واستمرارية حياتها الزوجية ، لكن في بعض الأحيان - يتأخر حدوث الحمل لأسباب مختلفة - البعض منها يمكن علاجه ، بينما تكون هناك صعوبة في علاج البعض الآخر ، مما يستوجب مراجعة طبيب متخصص .

 

مجلة "سيدتي وطفلك" - التقت الدكتور سمير عباس .. وسألناه عن أهم الأسباب التي تجعل الحمل صعباً وما طرق وإمكانية علاجه ؟ فحدثنا قائلاً : يستدعي الحمل الصعب أو ما يعرف بالحمل الحرج عناية طبية فائقة ، وهو الحمل الذي يحدث إما لوجود أمراض معروفة قبل الحمل أو ظهور مضاعفات بعد حدوثه .

 

أنواع الحمل الصعب

 

 

يمكن تقسيمها إلى قسمين .. أولها وجود تشوه في الجنين ،  و ثانيها عدم تعشيش الجنين بشكل طبيعي داخل تجويف الرحم .

 

ويتابع الدكتور عباس ..

لكن الأطباء ينظرون إلى الإجهاض بنظرة مختلفة عن النساء ، وذلك ناتج عن علمهم بأن غالبية هذه الحالات تكون نتيجة تشوهات بالأجنة ، ويفضلون أن يلفظ الرحم محتوياته تلقائياً ؛ لتخليص المرأة من حمل مشوه لو استمر - لإستدعى منها جهداً كبيراً في العناية به ، بالإضافة إلى تأثيره السلبي في حالتها النفسية وعلاقتها باسرتها .

 

العلاج الملائم ..

ويؤكد الدكتور سمير - أن لكل حالة علاجاً مناسباً - بقوله ..

 

بالنسبة لتشوه للجنين - فقد أثبتت الأبحاث أن 60 – 80 % من حالات الإجهاض التلقائي خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل - تنشأ نتيجة تشوه في تكوينه ، ناتج عن وجود اضطراب في عدد أو مكان كروموسومات معينة سواء بالبويضة أو الحيامن أو بالجنين نفسه ، وتشخيص أسباب هذه الحالة يجرى فحص النمط النووي ، وفيه يؤخذ تحليل من دم الزوجين حيث يتم زرع وتنمية خلايا الدم البيضاء في وسط معين وبطريقة خاصة ، ثم تفصل الكروموسومات وتفحص مجهرياً ، والعلاج يقوم الأطباء بعمل تقنية التخصيب المجهري للزوجين - حيث يحقن حيمن واحد بالبويضة ، ثم بعد 72 ساعة - وقبل إعادة الجنين رحم المرأة - يتم فصل خلية من الجنين وفحص الكروموسومات ، وقد أدخلنا هذه التقنية منذ عام 1997م للتأكد من خلو الأجنة من حالة الطفل المنغولي لكن مع تطور الوقت تمت اضافة أمراض أخرى كثيرة وكان اخرها علاج حالات أمراض الدم الوراثية مثل أنيميا البحر المتوسط الثلاسيميا لزوجين حاملين للمرض ، وتمكنا بهذه التقنية من مساعدة الزوجة على أن تحمل طفلين سليمين خالين من المرض - لأول مرة في السعودية والعالم العربي عام 2007 م.  

 

فشل الحمل

 

ويتابع الدكتور عباس ..

وقد ادخلنا حديثاً أول جهاز مجهر هائل التكبير في الشرق الأوسط ؛ لعلاج الحالات التي تعاني من تكرار فشل الحمل - بسبب نقص عدد أو حركة الحيوانات المنوية الشديد ؛ لإرتفاع نسبة التشوه بها ، وبواسطته تمكنا من اختيار الحيوانات المنوية السليمة ، فإرتفعت نسبة نجاح الحمل وتخفيض نسبة الإجهاض ، ويعتبر هذا الجهاز الاختراع الأهم خلال الثلاثين عاماً السابقة ، ونقوم بتقديم هذه الخدمة إلى مرضانا في جميع مراكزنا بالسعودية مجاناً ، اضافة الى الخدمات الأخرى المتميزة مثل جهاز تشريط البويضة بالليزر، تقنية تجميد البويضات ، وأدى تطوير هذه الوسائل حديثاً الى إصلاح بعض أنواع الخلل الموجود في الكروموسومات - بطريقة تقنية الهندسة الوراثية .

 

اضطرابات جهاز المناعة

 

و يوضح الدكتور سمير عباس - أن اضطرابات جهاز المناعة من أسباب حدوث الحمل الصعب .. ويضيف :

 

يعمل جهاز المناعة الطبيعي على تكوين أجسام مضادة لمهاجمة الميكروبات والأجسام الغريبة لحماية الجسم من الأمراض وبما أن الجنين يعتبر جسماً غريباً عن جسم المرأة لأنه يتكون من بويضة الأم وحيامن الزوج الذي لا يتوافق مع أنسجة الأم لذا تحدث تغيرات كثيرة بالجهاز المناعي للمرأة ؛ لتثبيط نشاطه بمجرد حدوث الحمل ، وبالتالي منعه من مهاجمة الجنين وقتله كذلك يفرز جسم الأم مادة تضلل جهاز المناعة لديها كي تحمي الجنين .

 

الأمراض المناعية

 

ويسترسل الدكتور سمير حديثه قائلاً : 

الأمراض المناعية هي الأكثر شيوعاً في فترة الخصوبة مثل الذئبة الحمراء أو الدأب الحمامي البدني ترتفع نسبة الإجهاض إلى 70% لدى النساء المصابات بهذا المرض ، ويتميز هذا المرض بارتفاع المضادات الشحميات الفسفورية ومنها مضاد لوبس للتخثر و الكارديلوليين ، وتعمل هذه المضادات على رفع معدل مادة الثرمبوكسات وخفض معدل مادة البروستاسيكلين في الجسم ، الذي بدوره يؤدي إلى تخثر الدم و تكون جلطات تسد مجرى الأوعية الدموية بالمشيمة والحبل السري ، مما يؤدي إلى موت الجنين وعادة لا تعاني النساء ممن لديهن هذه الأمراض المناعية من أية أعراض سوى تكرار الإجهاض المبكر ، ويتم علاج هذه الحالة بالعقاقير الطبية المسيلة للدم مثل حبوب الأسبرين وحقن الهيبارين وبعض مشتقات الكورتيزون ، وأخيراً بالمصل الجلوبيولين المناعي .. 

 

ولاشك أن كل التقنيات السابقة الذكر تضيف الأمل وتحقق السعادة لكثير من الأسر التي تعاني من إحباط الاجهاض المتكرر والعقم .