أغسطس ٢٠٢٣ , ٠٩
د. أماني شلتوت

 

ضعف التبويض أو عدم كفاءة وجودة البويضات هي أحد الأسباب الرئيسية لتأخر الإنجاب ويعتبر هذا التشخيص جزءاً أساسياً من متطلبات العلاج ، ويساعد الفهم العميق لآلية حدوث التبويض على التنبؤ بالمشكلة وطريقة حلها ،  ومن المعلوم أن إنتظام المحور الهرموني الذي يبدأ من المراكز العليا بالمخ والغدة النخامية بالغدة الدرقية وإنتهاء بالمبايض هو الجزء الأساسي الذي يتحكم في التبويض  لذلك يلجأ الطبيب المتخصص في علاج تأخر الإنجاب بفحص الهرمونات المسئولة - وهي : هرمونات الغدة النخامية المحفزة للتبويض ، والتي هي المسئولة عن إنتقاء البويضات الأولية من المبيض و نموها وإكتمال نضجها حتى الوصول إلى مرحلة التلقيح أو التخصيب بالحيوان المنوي للزوج ، كما تؤثر على أداء هذه الهرمونات أيضا إفراز هرمون الغدة الدرقية (الثيروكسين) ، وهرمون الحليب (البرولاكتين) الذي يفرز من الغدة النخامية. وأيضا يؤثر إفراز هرمونات (الإستروجين و البروجستيرون) من المبيض بشكل مباشر على إفراز هرمونات الغدة النخامية هذه ، ولذلك يجب قياسها عند إجراء الفحص الأولي للمريضة ، ويلجأ الأطباء المتخصصون لإستخدام الأدوية المحفزة للتبويض ، والذي تختلف أشكالها حسب الوسيلة العلاجية ، والتي تبدأ من تنشيط التبويض مع تنظيم فترات الجماع إلى التلقيح الصناعي أو إجراء الحقن المجهري .

 

و سوف نتناول أهم الأدوية واستخداماتها وكذلك  طرق العلاج المختلفة بها ..

 

أولى هذه الأدوية وأكثرها شيوعا هو عقار الكلوميفين سيترات (ومن أشهر الأدوية التي تحتوي على هذا العقار الموجودة بالصيدليات هو الكلوميد) - والذي ظهر في ستينيات القرن الماضي ، ويستخدم لعلاج حالات تأخر الإنجاب المصاحبة بنقص هرمونات الغدة النخامية أو إحتياج المبيض إلى جرعة أكبر من هرمونات الغدة النخامية نتيجة التقدم في السن أو بسبب تكيسات المبايض أوعدم إنتظام الدورة ، و تؤخذ حبوب الكلوميفين غالبا من ثاني أيام الدورة ، و في بعض الأحيان يرى الطبيب المعالج أنه يمكن بدؤها بعد ذلك حتى اليوم الخامس من الدورة ، وتؤخذ لمدة خمسة أيام ، و يعتبر عقاراً آمنا ويعالج نسبة كبيرة من حالات تأخر الإنجاب ، وتزيد مع إستخدامه نسبة حدوث التوائم .

و في منتصف الستينيات من القرن الماضي .. ظهرت عقاقير أخرى تستخدم في تحفيز التبويض و شاع إستخدامها مع تقدم وسائل الإخصاب المساعد و هي ما تسمى بهرمونات التناسل و التي تحتوي على هرمونات الغدة النخامية بتركيزات مختلفة ، وتؤخذ عن طريق الحقن بالعضل أو تحت الجلد ، ويجب أن تؤخذ تحت إشراف طبي دقيق ومتابعة جيدة للتبويض ، ومع التقدم في علوم الهندسة الوراثية أمكن إكتشاف عقاقير بإستخدام تقنيات الهندسة الوراثية ، ويتم إستعمال هذه العقاقير بشكل كبير في عمليات أطفال الأنابيب والحقن المجهري .

 

وتختلف البرامج العلاجية التي تستخدم في علاج تأخر الإنجاب حسب عوامل مختلفة أهمها الطريقة المستخدمة (تنشيط التبويض – التلقيح صناعي – الحقن مجهري) ، سن الزوجة ، الوزن ، وجود تكيس بالمبايض ، أسباب أخرى للعقم غير ضعف التبويض مثل ضعف أو غياب الحيوانات المنوية للزوج أو إنسداد قنوات فالوب .

 

وتبدأ خطوات البرامج العلاجية للتخصيب المجهري بعد عمل الفحوصات و تشخيص السبب بما يسمى تحريض أو تنشيط المبايض ، وتنقسم إلى أكثر من برنامج :

 

البرنامج الأول هو البرنامج الطويل للتنشيط ويستخدم غالباً للمريضات من صغار السن وأثبتت الفحوصات أن مستوى هرمونات الغدة النخامية طبيعي حيث يتم إعطاء بعض العقاقير على شكل حقن و تسمى مضادات هرمون الغدة النخامية ، وتبدأ قبل بدء الدورة الشهرية 7-10 أيام بإستمرار ، ومع بدء الدورة الشهرية يتم إعطاء الحقن المحفزة للتبويض ؛ لضمان إفراز عدد أكبر من البويضات الناضجة و يلزم ذلك متابعة التبويض بالموجات فوق الصوتية وفحص هرمون الإستراديول لضمان جودتها .

 

أما البرامج الأخرى فهي البرنامج القصير للتنشيط والذي يستخدم للسيدات كبار السن أو الزائدات فى الوزن أواللاتي خضن أكثر من محاولة سابقة وكانت إستجابة المبايض ضعيفة ، حيث يبدأ التحريض من أول أيام الدورة و بإستمرار حتى مرحلة ارتشاف البويضات و يقوم الطبيب المعالج بعمل نماذج مختلفة من هذه البرامج العلاجية حسب وجود بعض الأمراض الأخرى مثل تكيس المبايض والتي يمكن معه إستخدام برنامج الهرمون المثبط لعمل هرمونات الغدة الدرقية .

 

وبالنسبة لتكيس المبايض فإن هؤلاء السيدات و نتيجة لبعض الإضطراب في الهرمونات هن معرضات لما يسمى بمتلازمة فرط التنشيط  حيث يحدث استجابة مفرطة مع خروج عدد كبير من البويضات مما يؤدي إلى تضخم المبايض ، وحدوث تجمع سوائل داخل البطن فيجب الإنتباه جيدا حيث يقوم الطبيب المعالج أملاً بالعلاج الطبي لمدة تتراوح بين 2-3 شهور ببعض الأدوية ، التي تؤدي إلى تقليل مستوى الهرمونات فى الدم ، وأيضا منظمات الأنسولين مثل الميتفورمين - ويبدأ التحريض بإستعمال جرعات صغيرة من العقاقير المنشطة و المتابعة الجيدة لهرمون الإستروجين .

 

أما بطانة الرحم المهاجرة - فتكمن المشكلة في ظهور ما يسمى بالأكياس الدموية ، وهي أكياس على المبيض يحدث فيها تجمع للدم مع الدورة الشهرية ، وتؤثر على كفاءة التبويض و إنتاج البويضات ، ولذا يتم تثبيط هذه الأكياس أولا ، وذلك بإستخدام العقاقير التي تقلل من نشاط الغدة النخامية لمدة تتراوح بين 3-6 شهور قبل بدء البرنامج العلاجي للحقن المجهري .

 

وأخيراً .. فإنه لم تثبت الدراسات الإكلينيكية على مدى السنوات الطويلة وجود آثار بعيدة المدى لهذه العقاقير أوعلاقة بسرطان المبايض أوغيره ، ولكن يجب أن تؤخذ العقاقير ضمن منظومة علاجية ، وتحت إشراف طبي دقيق في المراكز المتخصصة لعلاج العقم و تأخر الإنجاب .