أغسطس ٢٠٢٣ , ٠٩

آلام الولادة المبكرة

د.أماني شلتوت

 

فترة الحمل والولادة .. مرحلة مهمة في حياة المرأة وهي تجربة فريدة في الحياة تنتظرها كل سيدة بعد الزواج وتحرص على أن تكمل فترة الحمل بسلام دون أية مضاعفات قد تؤثر على الجنين أو عليها.  ومن أشهر هذه المشاكل التي قد تواجه السيدة في أثناء فترة الحمل هي آلام الولادة المبكرة ، وهذه الآلام عبارة عن وجود انقباضات رحمية في الفترة السابقة من تكملة 37 أسبوع في الحمل أو قبل مرور أول أسبوع على الأقل في الشهر التاسع من الحمل ، وتتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث هذه الانقباضات المبكرة فمنها أسباب تخص الأم مثل وجود أورام ليفية بالرحم أو الرحم القرني أو وجود اتساع مبكر في عنق الرحم - إلى أسباب خاصة بالمشيمة والأغشية الجنينية مثل وجود نزيف خلف المشيمة أو تمزق مبكر في الأغشية الجنينية أدي إلى تسرب السائل الأمنيوسي أو وجود كمية زائدة من السائل الأمنيوسي حول الجنين ..  وقد توجد أسباب تخص الجنين مثل وجود التشوهات الخلقية بالجنين أو الحمل في أكثر من جنين أو موت الجنين - لا قدر الله ..  وأخيراً قد تؤدي وجود الالتهابات في الأغشية الجنينية أو في السائل المحيط بالجنين إلى حدوث هذه الانقباضات المبكرة.

 

والمشكلة الأساسية في حدوث هذه الانقباضات أيًا كان سببها تكمن في ولادة طفل غير مكتمل النمو ، وبالتالي تكون أعضاؤه غير مستعدة بعد لممارسة العديد من الوظائف الحيوية ، فمثلاً تكون الرئة غير مكتملة النمو - فيضطر أطباء الأطفال لوضعه في كثير من الأحيان على جهاز التنفس الصناعي ، كما يكون الجهاز الهضمي والكبد كذلك ، مما يؤدي لحدوث سوء تغذية وأنيميا وإرتفاع نسبة الصفراء ، وقد يحدث نزيف داخلي بالمخ نتيجة لعدم نضج أنسجة المخ ، وكذلك الجهاز المناعي والكليتين وأنظمة التحكم بالحرارة في الجسم .

ولكن كيف تحس السيدة بأن الأعراض الطبيعية للحمل بدأت تتجه ناحية ولادة مبكرة ؟  أولاً تبدأ في الشعور بإنقباضات منتظمة وأكثر قوة من الإنقباضات البسيطة التي قد تحدث في تلك الفترة ، مع الشعور بوجود ثقل في أسفل الحوض ، كما يزيد الألم الموجود في أسفل الظهر ، ويمكن ملاحظة شكل الإفرازات المهبلية الطبيعية بحيث توجد بعض خيوط الدم في هذه الإفرازات ، ومع مراجعة الطبيب وإجراء الفحص بواسطته يتبين بدء اتساع عنق الرحم .

 

والإنقباضات الرحمية المبكرة هي حالة يجب البدء في علاجها فوراً بمجرد الشعور بها ، حيث أن هذه الإنقباضات إذا وصلت إلى مرحلة معينة وأدت إلى اتساع عنق الرحم عن حد معين قد لا يمكن التغلب عليها وإيقافها .

 

وطرق علاجها تنقسم إلى عدة نواحي أولها هو علاج وقائي حيث يبدأ بالعلاج المبكر لأي التهابات مهبلية مع متابعة طول واتساع عنق الرحم بواسطة أشعة الموجات فوق الصوتية بإنتظام عن طريق متابعة الحمل لدى الطبيب ، وتوعية السيدة الحامل بأعراض الولادة المبكرة وضرورة مراجعة الطبيب في حال حدوثها ، من خلال هذه الوسائل يمكن التغلب على كثير من الحالات حتى قبل حدوثها .

 

وثاني هذه الوسائل هي الطرق العلاجية في حالة بدء الإنقباضات بالفعل وقبل إتساع عنق الرحم ، ويكون العلاج في هذه المرحلة عن طريق علاجات دوائية تعطى عن طريق الفم أو عن طريق الوريد بعد دخول المستشفى للملاحظة ،  وهذه العلاجات منها أنواع عدة ولكن الغرض منها في النهاية هو وقف هذه الإنقباضات الرحمية و إرتخاء عضلة الرحم ، ويمكن مع هذه العلاجات إعطاء بعض الإبر التي تساعد على نضج رئة الجنين بحيث يكون العلاج في إتجاهين ، فإذا ما استمرت هذه الإنقباضات وتحول الوضع إلى ولادة نكون على الأقل قد نجحنا في تأخير هذه الولادة لأيام قلائل تستطيع من خلالها هذه العلاجات العمل على زيادة نضج رئة الجنين .

 

أما في حالة تحول الوضع إلى إنقباضات قوية ومنتظمة وإتساع عنق الرحم - ففي هذه الحالة نكون أمام خيار واحد وهو محاولة تقليل المضاعفات قدر الإمكان والناتجة عن هذه الولادة المبكرة ، ويبدأ هذا العلاج بالمتابعة لنبض الجنين في غرفة الولادة مع عمل شق بالعجان حتى في حالة صغر حجم الجنين وذلك لتجنب حدوث اندفاع مفاجئ للجنين خارج الرحم مما يؤدي لزيادة فرص حدوث بعض المضاعفات مثل النزيف الدماغي ، كما يجب إبلاغ طبيب الاطفال بحجم الجنين التقريبي ووزنه قبل الولادة ، والذي يتم تقديره تقريبياً عن طريق أشعة الموجات فوق الصوتية ، ويجب أن تتم الولادة في مستشفى مجهزة بحضانات ذات أجهزة تنفس صناعي تحسباً لحاجة الجنين لهذه الأجهزة بعد الولادة .

وأخيراً فأنه على السيدات أن يعلمن أنه مع تقدم الطب في شتى النواحي قلت الكثير من المضاعفات والتي كانت تحدث في كثير من الأحوال في السابق ، ومنها هذه المشكلة ألا وهي الإنقباضات الرحمية المبكرة أو آلام الولادة المبكرة ، وبالذات في حالة الإحتياطات من جانب الأم والطبيب كما سبق وذكرنا .