يونيو ٢٠٠٦, ٠١

التقنية تساعد الأسر التي تمتلك صفات وراثية متنحية على إنجاب أطفال أصحاء

دكتور سمير عباس

الاحتفال بولادة أول توأم عبر تقنية اختبار الأجنة وراثياً في جدة

 

في إنجاز طبي سعودي على مستوى المملكة والشرق الأوسط  أعلن مساء أول من أمس عن ولادة أول توأم أصحاء خاليين من أمراض الأنيميا المنجلية والثلاسيميا لأبوين سعوديين حاملين لأمراض الدم الوراثية وذلك بتقنية اختبار الأجنية وراثياً.

وقال الدكتور ياسر سعيد الغامدي مدير الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة أن هذا الإنجاز الطبي الذي حققه الطبيب السعودي سمير عباس يعد مفخرة للوسط الطبي لافتاً إلى أن مشكلة الأمراض الوراثية أصبحت تشكل تحدياً كبيراً للقطاعات الصحية وذلك بسبب زواج الأقارب والذي نتج عنه توارث صفات أمراض الدم الوراثية.

وبين أن وزارة الصحة بدأت منذ فترة طويلة وبتوجيهات سامية في تطبيق قرار فحوصات ماقبل الزواج للمتزوجين الجديد وذلك للحد من استشراء ظاهرة الأمراض الوراثية.

أما الدكتور سمير عباس رائد جراحات النساء والتوليد والعقم فقال :  إن الأسر التي تحمل صفات وراثية متنحية بإمكانها الآن إنجاب أطفال أصحاء وسليمين من خلال الاختبار الوراثي المبكر للأجنة قبل ترجيعها لتعلق بالرحم بواسطة برنامج طفل الأنبوب و التخصيب المجهري.

وكشف د. عباس أن أمراض الدم الوراثية (الأنيميا المنجلية والثلاسيميا) أصبحت تشكل أبعاداً خطيرة لاحدود لها وهما الأكثر انتشاراً في المملكة حيث تبلغ نسبة الحاملين والمصابين بهما أكثر من 30% بين السكان وهي أعلى نسبة في العالم نتيجة زواج الأقارب وانتشار المرض وخاصة في المنطقتين الشرقية والجنوبية.

وأكد د. عباس أن فحص الأجنة وراثياً لاكتشاف التحولات والعيوب الوراثية الشائعة هي الوسيلة الوحيدة والناجحة طبياً في استبعاد الأجنة المعيبة وإرجاع الأجنة السليمة.

ومضى د. سمير قائلاً: تتم هذه الطريقة من خلال برنامج طفل الأنبوب بعد تخصيب البويضة و الحيامن المنوية فينقسم الجنين بطبيعته إلى عدد من الخلايا المستقلة كل واحدة تتشابه مع الأخرى ، ولذلك يمكن اختبار خلية واحدة وراثياً لتعكس التركيبة الوراثية الكاملة للجنين كوحدة واحدة ، ولهذا يتم هذا الاختبار على خلية واحدة من العلقة تأخذ بمساعدة الأجهزة الدقيقة الميكروسكوبية بدون إحداث أي ضرر للجنين ثم يبدأ تحليل مكونات نواة هذه الخلية لاكتشاف عيوب الكروموزومات المعيبة بطريقة مسح دقيقة لكثير من الأمراض الوراثية المنتشرة بين العائلات.

وحول نجاح الاختبار الوراثي وراثياً قال د. سمير عباس: اختبار الأجنة وراثياً طريقة آمنة وناجحة ويمتلكها المركز الآن كإحدى الخدمات الطبية المقدمة ولدى المركز قائمة كبيرة من المرضى المحتاجين لهذه الخدمة الطبية النادرة وهذه أول حالة يعلن عنها تتم بنجاح بفضل الله يولد فيها مولود سليم من أبوين حاملين للمرض وتتوالى الحالات تباعاً.

أما برنامج أطفال الأنابيب و التخصيب المجهري فيكشف جميع أمراض الدم الوراثية (الأنيميا المنجلية والثلاسيميا) واضطرابات عدد الكروموزومات والأمراض الوراثية المتعلقة بجنس المولود سواء ذكراً كـ (الهيموفيليا) أو أنثى كـ (التخلف العقلي) وتكرار الإجهاض وتكرار فشل الحمل أو فشل أطفال الأنابيب والزواج من الأقارب.

وأضاف د. سمير عباس قائلاً: يتم متابعة اختبار الأجنة وراثياً بالتعاون الكامل بين الأبوين والاستشاري المسؤول عن البرنامج وراثياً وكذلك يمكن ترتيب موعد لمناقشة التفاصيل الدقيقة أولاُ مثل دراسة التاريخ الوراثي والحالة الوراثية للأبوين والأسرة ثم إمكانية إجراء التحاليل والاختبارات الأولية ثم اجراء اختبار الأجنة وراثياً قبل الحمل من خلال برنامج طفل الأنابيب ، ويمكن اختبار عدد من الأجنة يصل من (8-10) لكل مريضة وكل جنين لابد أن يصل إلى مرحلة العلقة من (6-10 خالياً) لإمكانية أخذ خلية واحدة للاختبار وتظهر نتائج اختبار الوراثة خلال يوم أو يومين على الأكثر ، ويتم ترجيع الأجنة السليمة إلى الرحم.

وعن الخطوات التمهيدية التي تسبق اجراء أطفال الأنابيب وفحص الوراثة لاستبعاد الأمراض الوراثية قال إنه يجب على الزوجين إجراء بعض الفحوصات البسيطة للتأكد من أن الظروف كلها مهيئة لنجاح عملية التلقيح ، ثم يتم فحص الدم للزوجين والأبناء المصابين أو الحاملين للمرض لتحديد نوعية الخلل الوراثي المسؤول عن أمراض الدم أو العرض الوراثي المطلوب تشخيصه لأن هناك بعض الأمراض مثل أنيميا البحر المتوسط تحدث نتيجة للعديد من أنواع الخلل الوراثي ، وهذه الخطوة مهمة للغاية لأننا في مرحلة لاحقة سنقوم بفحص البويضات الملقحة لمعرفة إذا كانت تحتوي على الخلل الوراثي الموجود بالأب والأم.

بعد ذلك تبدأ الزوجة في برنامج تنشيط المبيضين من خلال بعض الأدوية بهدف إنتاج عدد من البويضات يمكن الاختيار منها وتتم عملية متابعة التبويض وعند نضح البويضات يتم اكتشافها عن طريق الموجات الصوتية من المهبل بدون جراحة ثم تخصيبها باستخدام الحيوانات المنوية من الزوج وبعد فحص البويضات الملقحة يتم إعادتها للرحم أيضاً بدون جراحة .

وأكد أن المرأة التي تحمل بعد أطفال الأنابيب لاتحتاج إلى متابعة خاصة  أو مختلفة عن بقية السيدات الحوامل أثناء الحمل ، ولكن في بعض السيدات اللاتي يجرين الفحص الوراثي للأجنة يجري فحص للسائل المحيط بالجنين لطمأنتهم على سلامته وكذلك الحال بالنسبة إلى الولادة فلا توجد ترتيبات مختلفة لهؤلاء السيدات.

وعن كيفية الاستفادة من هذه التقنية الحديثة في حالات  أخرى مثل الإجهاض المتكرر أو الفشل المتكرر لأطفال الأنابيب شرح د. سمير عباس أن السبب في بعض هذه الحالات هو وجود خلل وراثي في عدد كبير من الأجنة بالرغم من سلامة الأبوين وهذه المشكلة تحدث بنسبة أعلى كلما تقدم سن الزوجة ، ولذلك فنحن نقوم بفحص الأجنة وراثياً لاكتشاف التحولات والعيوب الوراثية الشائعة ثم يتم استبعاد الأجنة المعيبة وإرجاع الأجنة السليمة مما يعطيها فرصة أكبر للعلوق بالرحم وحدوث الحمل.

وقال  إن هذا التزاوج بين تقنيات أطفال الأنابيب والفحوص الوراثية هو سمة للتقدم العلمي وقد انتبهنا لهذا الأمر مبكراً فإننا مختبر الوراثة منذ 8 سنوات إلى جانب أطفال الأنابيب ولذلك أصبح لدينا الخبرات التي تؤهلنا لمواكبة آخر ما وصل إليه العلم في هذا المجال ، ونحن نفخر بأنه يوجد لدينا الآن بالمملكة هذه الوسائل الحديثة التي يقدمها عدد محدود من المراكز بالعالم.

author avatar
administrator