أغسطس ٢٠٢٣ , ٠٩

قد يسأل الناس قريباً .. هل هذا الطفل من صلبك أم من دمك ؟

لهذه الأسباب ينجب بعض الرجال إناثاً أو ذكوراً بتكرار ..

وهل هناك علاقة بين بعض الأعمال والملابس والعقم ؟!!

د. سمير عباس

 

ولدت أول طفلة أنابيب في العالم عام 1978م في (بورهول) كمبردج في بريطانيا ، وكانت وسائل التشخيص قبل هذا التاريخ وحالات علاج العقم محدودة بل ضئيلة جداً - كما يقول الدكتور سمير عباس - رائد أطفال الأنابيب في المملكة في هذا الحوار - الذي يتحدث فيه عن الطرق الجديدة لمعالجة العقم التي تتنوع بين التناسل والحقن المجهري أو إحداث الحمل عن طريق كرات الدم البيضاء وبدون حيوان منوي ، والمدهش أيضاً ما يقوله من أنه يمكن استيلاد أطفال أذكياء وعباقرة من نفس الشاكلة ، ويتحدث د. سمير عباس - عن موقف الشرع من هذه المواضيع ، وكيف تفهم على ضوء الآيات القرآنية العديدة التي تشير إلى خلق الإنسان من نطفة كقوله تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ" (سورة الحج - الآية 5) .. وغير ذلك من الآيات الصريحة ، كما يتحدث د. سمير عباس - عن الطرق الأخرى لمعالجة العقم - مشيراً إلى أن هذه الموضوعات سبق وأن نوقشت من قبل لجان دينية وأخلاقية في كثير من الدول الإسلامية .. بالأزهر في مصر وفي الأردن وفي قطر وفي الكويت ، وأن هناك فتوى بجواز هذا الموضوع - مع توخي الحرص والدقة .. فإلى تفاصيل هذا الحوار :

 

طريقة الحقن المجهري

 

ما هو الجديد في علاج العقم للرجال والنساء معاً ؟

أحدث شيء في هذا المجال هو التلقيح او الحقن المجهري (اكزي) ، وكلوننج أي التناسل ، وهناك طريقة ثالثة أخرى - وهي إحداث الحمل عن طريق كرات الدم البيضاء وبدون حيوان منوي ، وهذه هي أحدث شيء في علاج عقم الرجال ، وإن كانت هناك حالات كثيرة تنطبق عليهما معاً .

 

طريقة الحقن المجهري سبق أن سمعنا عنها منذ عدة سنوات .. فما الجديد بالنسبة إليها ؟

هذا صحيح .. فعمليات التخصيب المجهري بدأت التجارب عليها قبل حوالي ثماني سنوات - إلا أنها تطورت تطوراً كبيراً - إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن ، كما أنها ستتطور مستقبلاً لأكثر وأكثر ، في السابق .. كانت المشكلة تواجهنا هي صغر حجم البويضة وصغر حجم الحيوان المنوي ، وبالتالي نقوم بحفر شيء لا نراه بالعين المجردة في شيء آخر لا نراه أيضاً بالعين المجردة ، فالعملية كانت بالنسبة لنا معقدة وصعبة .. الآن - وصلت التقنية إلى صناعة إبرة دقيقة للغاية سمكها حوالي سبع شعرة الرأس لاستخدامها في هذا الغرض .. ففي بداية الأمر كان يتم إحداث شق صغير في الجدار الخارجي الهلامي للبويضة وكان عن طريقه تتسرب الحيوانات المنوية إلى تجويف الغطاء الخارجي للبويضة ، وكانت نتائجها غير مشجعة .. بعد ذلك بدأ الأطباء في تحسين الوسائل والظروف اللازمة للتقنية والإبر التي تستخدم .. إلى أن أصبحنا نحقن تحت الجدار الخارجي للبويضة ، وهذه العملية أدت إلى نسبة نجاح أفضل بكثير مما كان عليه الحال سابقاً ، وبدأت تظهر حالات الحمل بشكل ملحوظ .  

 

الوسيلة الأخرى

 

وماذا عن الوسيلة الأخرى (اكزي) بالنسبة للتلقيح المجهري أيضاً ؟

هذه الطريقة بدأ تطبيقها في الخارج وبالتحديد منذ حوالي عام واحد فقط تقريباً - وبدأنا نحن في تطبيقها منذ الشهر الماضي – نوفمبر 1993 م – وتعنى حقن الحيوان داخل البويضة بجوار النواة وتسمى (اكزي)

طريقة التناسل

 

وماذا عن الطريقة الثانية كلونينج أو (التناسل) ؟

هذه الوسيلة العلاجية أعلن عنها عالمان من جامعة هارفارد في امريكا قبل اربعة شهور فقط وهي وسيلة حديثة جداً للغاية اسمها الكلونينج ، أو (التناسل) .. ولشرح هذه الطريقة ببساطة - لو نظرنا إلى النساء اللاتي يحملن بتوأم - نجد أن التوأم نوعان : فهو إما أن يكون متشابهاً أو كما يقول بعض العوام (فولة وانقسمت نصفين) - أي فيهم كل الصفات المتشابهة في كل شيء ، وإما أن يكون التوأم غير متشابه مثلها مثل أي أخوين أو أختين في المنزل .. وفي علاج العقم أصبح لدينا أعداد كبيرة من التوائم الثنائية والثلاثية والرباعية ، فبإمكان أي سيدة أن تحمل بثلاثة أو أربعة أطفال ، ولكن بالوسائل التي لدينا - لم نتمكن أن ننتج أطفالاً متشابهين ، ولو نظرنا إلى الفرق بين الإثنين - نجد أن الأطفال المتشابهين هم عبارة عن بويضة واحدة تخصبت بحيوان منوي واحد وانقسمت إلى اثنين من الأجنة ، بينما في حالة الأطفال أو الأجنة غير المتشابهين - نجد انهم عبارة عن بويضتين أو ثلاث بويضات تطعمت كل واحدة منها بحيوان منوي مستقل - وبالتالي من هذا يأتي عدم التشابه ، والأطباء الذين اخترعوا هذه الوسيلة في أمريكا على الانسان مع انها موجودة ومطبقة في بعض الكائنات الأخرى وفي بعض الحيوانات ومن هذه الكائنات الضفادع ، أصبح بامكانهم – بالطبع بمشيئة الله وقدرته – انتاج نسخ طبق الأصل من أي جنين ، وعملية الكلوننج تعنى تخصيب بويضة واحدة بحيوان منوي واحد وعندما يصل الجنين إلى أربع خلايا يتم فصل خليتين عن هذا الجنين - لأن هذه الخلايا توجد داخل جدار ومن ثم عمل جدار صناعي حولها وبعد ذلك تحصينها بوسائل حديثة لأنها ستنتج لنا جنيناً آخر مرة ثانية من اربع خلايا ، فهاتان الخليتان تتحولان إلى أربع خلايا ومن ثم تعود وتنقسم إلى ثماني خلايا وإلى ستة عشر خلية وإلى اثنين وثلاثين خلية وهكذا .. تسلسل تضاعفي ، وعندما يصل الجنين إلى اربع خلايا مرة ثانية - بالإمكان عمل فصل ثان لخليتين اخريين وثم انتاج جنين متشابه في كل شيء عن الجنين الأصل .

 

نسخ الأشخاص

 

لكن هذا يحدث بشكل طبيعي مع بعض الناس فما الجديد في الموضوع ؟

الجديد أنه في النساء العاديات يتم ذلك بدون تدخل الانسان ، ولكن مثل هذه الحالات تتم عن طريق التدخل البشري ، وبالرغم من نجاح التجارب إلا أنه - حتى الآن - لم يتم تنمية هذه الأجنة أو المرحلة الأخيرة النهائية - أي إلى مرحلة وصول الجنين إلى طفل متكامل ، والآن في العالم كله نوع من الشد والجذب بين الأطباء والعلماء والهيئات واللجان الأخلاقية ، وفي كل مكان لمعرفة الجدوى من عمل الكلوننج .

 

وما هي النتائج المترتبة على هذا الاكتشاف ؟

طفل هذه الطريقة له شبيه - فلو فقد أي زوجين طفلاً لهما بالوفاة مثلاً ، فلو كان موجوداً منه وبعبارة أخرى لو اقتطع منه جزء واحتفظ به بالتبريد وكانت وفاة الطفل لهذه الاسرة عن عمر يناهز الشهر أو العشر سنوات أو العشرين سنة مثلاً ، فإنهم يستطيعون الحصول على طفل آخر بديل لطفلهم الذي توفي ويكون نسخة طبق الأصل منه في كل الحالات-  بما فيها الذكاء وغيره ، وقد تسأل ايضاً هل لهذا فوائد اخرى .. اقول نعم - إذ يعتقد أنه لو وجد طفل ذكي للغاية ، فبالامكان إنتاج أطفال أذكياء على شاكلته وبنفس مستواه العقلي ؛ لأن في هؤلاء فوائد للبشرية - لأن العلماء عادة ترى من الضرورة أن يكون ابنائهم علماء ، وبالتالي فهم لا يرثون الملكات العقلية ، وليس بالضرورة أن يكون أبناؤهم علماء ، وبالتالي لا يرثونها - ومن هنا تبرز أهمية إنتاج نسخ من هذا الشخص العبقري ؛ لأنه من المعروف أن عدد العلماء قليل في كل التخصصات وبموتهم تخسر البشرية معرفة عقلية فذة ، وهناك آلاف الأمثلة على ذلك فمثلاً العالم (انشتاين) - الذي اكتشف نظرية النسبية ، وغيره من التطبيقات العقلية ، ومع ذلك انتهى كل شيء بالنسبة له بعد وفاته ، ولم يذهب أحد في مستوى ذكائه ولم يكن أبوه بنفس ذكائه .

 

وهناك جوانب الأخرى لهذا الاكتشاف - منها أن هناك الكثير من الأمراض التي تصيب البشر والتي تستدعي من الاطباء - في يوم من الايام - نقل كلى أو قلب او كبد أو رئة ... الخ ، والمشكلة التي تواجه الأطباء باستمرار هي احتياج المريض إلى  أخذ علاجات قوية ومكلفة لمنع جسمه من رفض العضو الذي زرع فيه ، بينما لو كان هذا العضو يخص نفس الشخص ، فإن جسمه لن يرفضه ، ومن هنا يعتقد أنه من الممكن الحصول على أعضاء من أطفال متشابهين للذي ستنقل إليه هذه الأعضاء وهو ما يزال جنيناً في بطن أمه ، وقد تكون هناك استعمالات أخرى كثيرة أو تطبيقات أخرى كثيرة لهذه الحالات ، والتي إلى الآن لم يتم اجازتها أو منحها - لأن اللجان الأخلاقية في العالم تعكف على الانعقاد غير المنقطع للوصول إلى رد على هذا السؤال ، وإن كنت أرى كطبيب - من وجهة نظري - أن الوصول إلى عمل وتطبيق مثل هذه التقنية بسيط وسهل للغاية ، وستكون مفيدة في بعض الحالات ، ولكن يهمني أن انتقل كي أسمع رأي علمائنا الأجلاء في المجمع الفقهي الإسلامي وهم نفس العلماء الذين أجازوا علاج العقم بوسيلة أطفال الأنابيب في عام 1405هـ بناء على فتوى مقدمة مني لهم .

 

تنمية الجنين وتعاليم الدين

ألا ترى أن تنمية الجنين من  أجل أخذ أعضاء منه - تتنافى مع تعاليم ديننا - فالقلب مثلاً لو أخذناه من هذا الجنين فإنه سوف يموت ؟!

ممكن ذلك إذا تم اجهاضه في مرحلة مبكرة - وليس بالضرورة القلب - فالإنسان يملك عدة أعضاء مزدوجة ، فهو يملك كليتين مثلاً فإذا مرض وفلشت كليته وعنده أخ حي أو أخت .. لذا أعتقد جازماً أن أحدهم سيتبرع له ، ونفس الشيء ينطبق على الرئتين - إذ يمكن أن يتبرعوا برئة وهكذا فمثلاً بالنسبة للشخص الذي يصاب بسرطان الدم ، ويحتاج إلى نقل النخاع العظمي من احد اخوانه - وفي هذه الحالات ليس بالضرورة ان يقتل الطفل - بل العكس يمكن أن يوجد طفل كامل يوضع في رحم امه ، ومن ثم ينمو نمواً عادياً وبعد ولادته بأشهر يمكن أخذ عضو منه وفي هذه الحالة أيضاً ستجد الأخ أو الأخت الأكبر سيعيشان حياة أسعد معاً بمن فيهما هذا الطفل لأنه سيؤخذ منه كلية واحدة ، وسيتم زرعها في الأخ أو الأخت ، وبهذه الوسيلة سنقضي على عملية رفض الكلى من الجسم وكل عمليات الغسيل الكلوي وعمليات نقل الكلى وعمليات غسيل الدم بسبب فشل الكلى ، ولمعرفة مدى ما اعنيه - يكفي ان يعلم الانسان ما يعانيه مرضى الفشل الكلوي واحتياجهم الى الذهاب الى مراكز غسيل الكلى من ثلاث الى خمس مرات في الاسبوع ، اضافة الى ما يعانونه من اعراض ومتاعب كبيرة ، فالشخص الذي يحتاج الى نقل كلى عادة لا تتم هذه العملية مرة واحدة ، بل تتم على مرات عديدة نظراً لأن جسمه يرفضها .

 

وما رأيك الشخصي في الموضوع كطبيب مسلم ؟

هذا الموضوع له شقان - قد نرى أن الشرع قد يقبل شقاً منه وقد ترى أنه يرفض الشق الآخر .. ولكني أرى كتابة بحث متكامل عن الموضوع ومن ثم عرضه على علمائنا الأجلاء في المجمع الفقهي الإسلامي لبحث عن قبلهم - فإن أجازوه عملنا بموجبه ، وان رفضوا - فإننا سنبتعد عنه ، فقراراتهم ملزمة بالنسبة لنا - فنحن لسنا كالغرب ؛ لأنك تجد في الغرب أن الكنيسة أو رجال الدين اليهود قد ترفض أن يرفضون بعض الوسائل العلاجية ، ولكن مع هذا يتم تطبيقها لان في الغرب فرقاً شاسعاً بين الرأي الديني ، وبين ما يتم تطبيقه فعلياً ، بينما نحن نلتزم بما يتم وضعه من من احتياطات وقوانين وتشريعات من قبل علمائنا المسلمين خصوصاً وأنه سبق أن عرض موضوع طفل الأنبوب على المجمع .

 

ما الجانب الذي تعتقد أن الشرع قد لا يجيزه ؟

الذي اعتقد بأنه قد لا يجيزه في حالة إجهاض الجنين وكما قد سبق أن بحث في المجمع الفقهي موضوع أخذ خلايا مخ الأجنة المجهضة لزرعها في مخ بعض المرضى الذين يعانون من أمراض معينة مثل الزهايمر أو مرض الشلل الرعاشي وغيرهما . وبالتالي من الجائز أن يرفضوها أو لا يرفضونها بالنسبة لموضوع أخذ كلية  أو جزء من كبد طفل متكامل وخلافه . 

 

الحمل عن طريق كرات الدم البيضاء

نريد أن تحدثنا عن الطريقة الأخيرة التي أشرت إليها - وهي إحداث الحمل عن طريق كرات الدم البيضاء وبدون حيوان منوي - لأن العقل البشري قد لا يصدقها أو يستوعبها في الوقت الحاضر !!

هذا صحيح فهذه الوسيلة حديثة جداً للغاية - وهي تختلف عن الوسيلة السابقة ، وإن كانت الوسيلة السابقة في يوم من الأيام كنوع من واقع الخيال العلمي - إلى أن اصبحت الآن حقيقة واقعية ، أما بالنسبة لهذه الطريقة فهي ما زالت نوعاً من الخيال العلمي ، وستبقى كذلك كنوع من الخيال لمدة قد تصل الى اربع أو خمس سنوات ، وبالنسبة لهذه الوسيلة الجديدة - نحن نعلم أن الله خلق نطفة الرجل أو الحيوان المنوي ، وميزه أنه الخلية الوحيدة في جسم الرجل أو المرأة التي تستطيع الحركة ، أي أنه لا يوجد في جسم الانسان أي خلية لها القدرة على الحركة أو الانتقال من شخص إلى شخص آخر .. وربنا وضع هذا السر الالهي في الحيوان المنوي حتى يتم التزاوج بين نطفة الرجل ونطفة المرأة أو بويضة المرأة لينتج عنها جنين أو طفل ، فما الذي يحدث كي يتم الحمل ، يحدث أن الحيوان المنوي يتم قذفه من قبل الرجل في الجهاز التناسلي للمرأة ليلتقي بالبويضة ، ومن ثم يقوم بتخصيبها ، ويكون جنيناً - علماً بأن الحيوان المنوي يدخل برأسه فقط في جدار البويضة ، ومن ثم يخترقها إلى قرب النواة ، والذي ينتقل برأس الحيوان المنوي إلى داخل نواة البويضة هي المادة الوراثية أي مجموعة الصبخات او الجينات الموجودة على الكروموسومات ، حيث تلتحم الشفرة الوراثية للرجل مع الشفرة الشفرة الوراقية للمرأة لتكوين الجنين ومن هنا يأخذ الجنين الصفات التي تميزه ، فنجد ان الجنين قد يجمع أو يأخذ لون شعر ابيه وعيني امه وانف جده ، وهكذا إذا المطلوب لتحقيق الحمل هو التحام الشفرة الوراثية للرجل مع الشفرة الوراثية للمرأة ، ولو علمنا أن كل خلية في جسم الرجل تحمل شفرته الوراثية - لتقبلنا الأمر - لأن معنى هذا أننا لو فحصنا الحيوان المنوي لأي رجل أو حللنا كرات الدم البيضاء له أو أي خلايا من جلده - سنجد انها جميعها متماثلة تحمل نفس الشفرة الوراثية وتحمل نفس الصبغات او الكروموزومات ، إذاً لو تمكنا بوسيلة أو بأخرى أن نؤدي إلى التحام الشفرة الوراثية لأي كرة دم عند الرجل من كرات الدم البيضاء بالشفرة الوراثية الموجودة داخل نواة البويضة عند المرأة - فالمفروض في هذه الحالة أن ينتج جنين ، وفي هذه الحالة قد يسأل الناس الأب على غير العادة هل هذا الطفل من نسلك ام من دمك ؟ وهذا سيكون عما قريب ..

 

على أية حال هذه الوسيلة مازالت تحت البحث الآن في مراكز علمية كثيرة ، والحكم عليها الآن سابق لأوانه ؛ لأننا لا نعلم هل سيكتب لها النجاح أم لا ؟ ولكن لو نجحت ستكون عبارة عن تطور علمي وتفوق علمي وهبه الله للعلماء لحل أمور كثيرة من أمور الدنيا .

 

ما موقفك كطبيب مسلم من هذه الطريقة أيضاً؟

لا أجد فيها أي حرام - لأننا لا نستخدم حيوانات منوية من أي رجل غير الزوج ، بل إننا في هذه الوسيلة العلاجية لا نحتاج للحيوانات المنوية اطلاقاً والطفل الذي سينتج من هذه الوسيلة العلاجية سيحمل نفس صفات الأب والأم ، فإذا ليس هناك أي نوع من الزنى أو اختلاط في الانساب ونحن إذا نظرنا بالواقع سنجد أن الله جعل الشفرة الوراثية في الحيوان المنوي لها القدرة على الانتقال حتى يتم التناسل في الانسان و الحيوان وكانت هذه هي وسيلة الانسان الوحيدة عبر الاف السنين أما الآن في هذه الوسيلة فالفكرة واحدة ولكن التقاء الشفرة الوراثية للرجل مع الشفرة الوراثية للمرأة يتم عن طريق التقاء دم الرجل ببويضة المرأة لإحداث الحمل ، ولاشك ان الانجاب بالطريقة العادية أسهل بكثير وأقل تكلفة وعناء على الزوجين ، ولكن تبقى هذه الوسيلة إحدى الوسائل العلاجية التي تفتح باب الأمل على مصراعيه أمام الرجال الذين يعانون من عدم وجود حيوانات منوية لديهم البتة ، وهؤلاء كثيرون ، وعلى سبيل المثال نجد كثيراً من الرجال الذين يولدون وليس في خصيتهم أي حيوانات منوية أوعدم وجود خلايا منتجة للحيوانات المنوية وكثير من الرجال - قد يصابون ببعض العدوى مثل السل (الدرن) أو الحصبة الألمانية (ابوكعب) وهذه تنتقل إلى الخصيتين ، وتؤدي إلى دمارها بالكامل ، وبالتالي تجد مثل هؤلاء غير قادرين على الانجاب مع انهم طبيعيون ، أيضاً نجد بعض الرجال الذين يصابون ببعض العدوى الجنسية مثل السيلان أو الزهري الذي يؤدي إلى دمار خصيتيهم بالكامل تماماً ، وبالتالي لا يستطيعون الانجاب ، كما ان هناك بعض الرجال الذين يصابون ببعض سرطانات الخصية ويحتاج علاجهم إلى استئصال الخصيتين وبعضهم يصابون بسرطان الدم ويحتاج الطبيب إلى اعطائهم جرعات من عقاقير معينة وهو ما يطلق عليها بالكيوتيربي وهذه العقاقير تؤدي إلى دمار الخصيتين تماماً - وبالتالي لا يستطيعون الانجاب مستقبلاً .

 

التلقيح والآيات القرآنية

كيف توفق بين هذه الوسيلة العلاجية أي التلقيح عن طريق الدم - وبين الآيات القرآنية العديدة التي تشير إلى خلق الإنسان من نطفة .. كقوله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ" (سورة الحج - الآية 5) .. 

وقوله تعالى : " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) " (سورة المؤمنون) ..  

 وفى قوله : " فَلۡیَنظُرِ ٱلۡإِنسَـٰنُ مِمَّ خُلِقَ ۝٥ خُلِقَ مِن مَّاۤءࣲ دَافِقࣲ ۝٦ یَخۡرُجُ مِنۢ بَیۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَاۤىِٕبِ ۝٧ إِنَّهُۥ عَلَىٰ رَجۡعِهِۦ لَقَادِرࣱ ۝٨ یَوۡمَ تُبۡلَى ٱلسَّرَاۤىِٕرُ ۝٩ " (سورة الطارق) ...

 

   هذه الآيات الصريحة ؟

هذه الوسيلة العلاجية لا تتضارب أو تتعارض مع الآيات القرآنية فلو قرأنا الآية القرآنية : "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ" ، فنجد أن السلالة الخاصة بالإنسان كما جاءت هي أصلاً من طين أي أن مكونان الإنسان أساساً من طين سواء كانت مكونات الدم أو مكونات السائل المنوي .